بناء العصر الحديث
التبويبات الأساسية
*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
فجأة وجدت روسيا نفسها في حالة حرب مع كل هذا.
اليوم، تتجمع عدة مستويات معًا، والتي كانت حتى اللحظة الأخيرة تمثل شيئًا مستقلاً:
1. يبدو أن الدين واللاهوت، وخاصة علم الاخرة Eschatology، قد تم إبعادها إلى الهامش منذ فترة طويلة، لكنها مرة أخرى تتغلغل في كل شيء، حتى الحياة اليومية.
2. الجغرافيا السياسية، حيث يتم تطبيق أنواع لا تتلاقى من النظام العالمي.
3. الأيديولوجيات السياسية التي تنقلب رأساً على عقب وتؤدي إلى هجين محرم (الليبرالية النازية، على سبيل المثال).
4. العمليات الفلسفية، حيث يتجاور السقوط الشديد مع اكتمال الرؤى المطلقة.
5. الانجراف الجليدي للثقافات والتجمد بأقصى سرعة وذوبان الاستقرار.
تتقاطع جميع المستويات بشكل فريد وغريب الأطوار، لتشكل عقدًا دلالية semantic ذات أبعاد يصعب تحديدها. كل هذا ينهار في حرب وعربدة من التكنولوجيا، على الرغم من أن الحرب نفسها هي الميتافيزيقا العميقة التي تتطلب تفكيرا جديدا، والتكنولوجيا هي ظاهرة ميتافيزيقية بنفس القدر. كل هذا مشبع للغاية وليس بأي حال من الأحوال سطحيًا وغير خطي، وبسبب تعقيده فإنه يتوازن على حافة الفوضى. الأساليب التقليدية لكشف مثل هذا التشابك الدلالي ليست كافية. علاوة على ذلك، فإن الشكوك المنهجية تقوض التقاليد اليوم. أي محاولة لبناء نموذج تواجه نقصًا متراكمًا في التفكير أو مجرد خطأ في الماضي. بمجرد أن نشكك في نظرية التقدم الساذجة (وحتى الخاطئة تماما)، فإننا نفقد الثقة في ما جاء بعد مقارنة بما جاء من قبل. إذا تسلل خطأ في البداية، فسيولد وحش في النهاية.
متى حدث كل شيء بشكل خاطئ؟ في عصر الاكتشافات الجغرافية العظيمة. بعد أن تجاوزت الحدود المحرمة لأعمدة هرقل، ارتكبت أوروبا الغربية انتهاكًا لا رجعة فيه. لقد تحولت إلى قاتل. مكان أتلانتس أصبح في الأسفل.
إن التفسير العام الوحيد الذي يغطي كامل منطقة المشاكل غير القابلة للحل في وقت واحد هو الاستنتاج القائل بأن أوروبا الغربية بدأت منذ خمسمائة عام بالجنون بشكل منهجي. وقد جنت، بمجرد أن بدأت العملية، سوف تجن يومًا ما. هذه هي الطريقة التي تطورت بها خمس حالات شاذة.
1. الإلحاد ومادية الصورة العلمية للعالم، المبنية على الاسمية والأيديولوجية البروتستانتية المرضية. وحتى في هذه الحالة يمكن للمرء أن يستنتج أن الغرب يدخل في نظام ضد المسيح، وكل شيء غربي وحديث يتسم به بشكل لا رجعة فيه.
2. كانت الإمبراطورية البريطانية الزائفة بداية النزعة الأطلسية المتضخمة. جسد الأنجلوسكسونيون الطاغوت التوراتي. وفي القرن العشرين، تم نقل العصا إلى الولايات المتحدة، لكن هيمنة الحضارة البحرية تعود إلى إنجلترا.
3. لقد تم رفض العصور الوسطى وأيديولوجيتها الهندية الأوروبية ثلاثية الوظائف، والكاثوليكية والإمبراطورية، والسخرية منها، وبدلاً من ذلك سيطرت الرأسمالية المرضية تمامًا في جميع النواحي. ومن الناحية الأيديولوجية، انقسمت فيما بعد إلى الليبرالية (الشكل الرئيسي للانحطاط العقلي)، والقومية، ونسخة انهارت تعترف بالمبادئ الأساسية للاشتراكية. إن أي حركة أيديولوجية في النظام الرأسمالي محكوم عليها بالتقليد والانهيار. الرأسمالية شمولية تماما. وكما بين الفيلسوف الفرنسي دولوز Gilles Deleuze، فإن الرأسمالية تبلغ ذروتها بالشيزوفرينيا.
4. انقسمت فلسفة العصر الحديث (دون سابق إنذار) إلى استمرار غريب الأطوار للتقليد الكلاسيكي وإلى انحرافات مدمرة، تضامنًا مع مادية وخارجية العلم externalism (الخارجية هي موقف فلسفي ومنهجي يتم فيه تحديد المعرفة العلمية إلى حد كبير من خلال الظروف الخارجية، بما في ذلك التفاعلات الاجتماعية والتاريخية والسياسية-المترجم). وقد خلق هذا ارتباكًا منهجيًا – تحولًا دلاليًا في التفسيرات. كان الفكر يتصارع في الشباك كالغزال، ويخترق الشباك أحيانًا. لكن لم يكن أحد يعرف على وجه اليقين أين حدث الاختراق وأين كان الألم؛ وفي كثير من الأحيان كان كل شيء يبدو عكس ذلك تمامًا.
5. بدأت الثقافة تتحول إلى حضارة (وفقًا لسبنجلر Oswald Spengler)، فتهدأ، ولكن ليس بدون تجاوزات – من وقت لآخر، يرى عبقري لا يمكن التنبؤ به جوهر الظلام الكثيف ويثقبه بإبرة لامعة. كانت الثقافة ككل تنزلق عمداً إلى الجحيم.
فجأة وجدت روسيا نفسها في حالة حرب مع كل هذا. دون أن نرغب فيه على الإطلاق، دون أن نفهمه، دون أن نستعد له، ودون أن نحسب له حساب. لقد وضعت يد خفية روسيا في الموقف الذي تجد نفسها فيه الآن. والآن، رغم كل الصعاب، سيتعين علينا أن نفعل ذلك – على المستوى المؤسسي! - إعطاء إجابات لجميع تحديات حضارة المسيح الدجال.
بما في ذلك التحدي التكنولوجي. لقد تبين أن جميع الأجهزة الإلكترونية -التي منحها الغرب للبشرية- بها ميزة – حيث اتضح أن شخصًا مجهولًا يجمع معلومات عن الجميع من خلالها ليتحكم بهم بعد ذلك.
والأهم من ذلك كله أن الإنسان يخفي خطاياه. وهي في الواقع ما يهم الأخ الأكبر. يقوم بتسجيلها ويسمح بتحريكها عند الضرورة. إن الاعتماد على التكنولوجيا هو الأداة المثالية للشيطان وحضارته. بينما نحن نبتهج بالرقمنة – فنحن نساعد الشيطان على أن يحكمنا . ولكن ما هي محيطات الخطايا إن لم تكن حقلاً من الجنون؟
دورة البناء تكاد تكون مكتملة. الشيء الوحيد الذي يقف في طريقها هو عمليتنا العسكرية الشجاعة (في أوكرانيا). حسنًا، كيف تريدون تفسيرها؟