على الرغم من تنوع وجهات النظر في علم الجيوسياسة العالمية، نتعامل مع لوحة واحدة للعالم يمكن أن نسميها اللوحة الجيوبوليتيكية، ولوحة العالم هذه تطمح لأن تدخل في تحليل العمليات التاريخية والعلاقات ما بين الشعوب وما بين الدول عددا من المقاربات التأسيسية (الجغرافية، والمتعلقة بعلم السياسة، والإيديولوجية والاتنوغرافية والاقتصادية وما الى ذلك، وفي هذا يتجسد الطابع الأساسي لكافة النظريات الجيوبوليتيكية. أما الصيغة المنهجية الأكثر عمومية والمشتركة بين جميع علماء الجيوبوليتيكا فهي توكيد الثنائية الكونية التاريخية بين اليابسة، التيلوروكراتيا، الأرض، الأوراسية، الـheartland، "الحضارة الايديوقراطية"، من جهة، وبين البحر، التالاستوكراتيا، الـsea power، العالم الانجلو ساكسوني، الحضارة التجارية، "الهلال الخارجي، من الجهة الاخرى. وهذا ما يمكن النظر اليه على أنه القانون الأساسي للجيوبوليتيكا. وخارج التسليم بهذه الثنائية تفقد جميع النتائج معناها. فعلى الرغم من كل الاختلافات في الرؤى الخاصة لم يقدم أسي واحد من مؤسسي العلم الجيوبوليتيكي بوضع هذه المقابلة موضع الشك، وهو ما يضارع في معناه قانون الجاذبية الكوني في الفيزياء.
قانون الجيوبولتيكا الأساسي هو مبدأ المدى الكبير الذي استنبطه ماكيندر وهاوسهوفر وطوره كارل شميدت. والاستقلال الوطني للدولة لا يرتبط وفقا لهذا المبدأ فقط بالقوة العسكرية، وبالتطور التقني والقاعدة الاقتصادية بقدر ما يرتبط باتساع أراضي هذه الدولة ومساحاتها وبمكان توضعها الجغرافي. وقد دبَج منظرو الجيوبولتيكا الكلاسيكيون مئات المجلدات لبرهنوا على أن مشكلة الاستقلال ترتبط ارتباطا مباشرا بالاستقلالية الجيوبولتيكية للإقليم وباكتفائه الذاتي. وعلى تلك الشعوب والدول التي تتطلع حقا إلى الاستقلال أن تحل بالدرجة الأولى مشكلة اكتفائها الذاتي الترابي. وفي أيامنا هذه لا يمكن أن تتمتع بهذا الاكتفاء الذاتي إلا الدول البالغة الضخامة والواقعة في مناطق محمية استراتيجيا من أي هجوم محتمل استراتيجيا (عسكري، سياسي أو اقتصادي) من طرف التشكلات الدولية الأخرى. وفي مرحلة المواجهة بين الرأسمالية والاشتراكية كانت الحاجة إلى الأحلاف والمجالات الكبرى أمرا واضحا. ولم يكن أحد يشك في أن البلاد لا يمكن أن تكون "غير منحازة" إلا بثمن إزاحتها عن مجال الجيوبولتيكا الكونية على حساب التهميش والعزل إلى الأطراف. وفضلا عن ذلك فإن جميع "غير المنحازين" قاموا باختيارهم لصالح هذا المعسكر أو ذاك وإن كان اختيارا أقل جذرية من اختيار أنصار الاشتراكية أو الرأسمالية. وانهيار إحدى الدولتين الأعظم يغير دون شك وبصفة جادة المدى الجيوبولتيكي للأرض. لكن مبدأ المجالات الكبرى لا يفقد بأي حال قوته – بل على العكس من ذلك يغدو مشروع "العولمة" الجيوبولتيكي اليوم الأكثر انتشارا والذي يفضي مغزاه إلى تحويل كافة سطح الأرض إلى مجال كبير موحد، تتم إدارته من المركز الأمريكي. pax Americana وجيوبولتيكا العولمة
بعد حرب الخليج، قامت وسائل الإعلام الجماهيري في روسيا، وكذلك في الغرب، ادخال صيغة "النظام العالمي الجديد" الذي صاغه جورج بوش الاب، ومن ثم تم استخدامها من قبل السياسيين الأخرين بما في ذلك غورباتشوف ويلتسين. النظام العالمي الجديد، يقوم على فكرة إنشاء حكومة عالمية واحدة، كما تم الاعترف بصراحة من الجنة الثلاثية و بيلدينبيرغ ، انها ليست مجرد مسألة الهيمنة السياسية والاقتصادية لبعض زمرة "غامضة" حاكمة من المصرفيين الدولين . هذا "النظام" قام بالنصر على نطاق عالمي على كافة الأيديولوجيات ، وبالتالي فإن المفهوم لا يتعلق فقط بأدوات السلطة، ولكن أيضا قام "بثورة أيديولوجية"، وهو "انقلاب" الوعي " اي تفكير جديد. " انه غموض الصياغات، والحذر المستمر بالسرية ، و الغرابة المتعمدة للحكام التي لا تسمح، حتى آخر لحظة، لتبين هذا الفكر الجديد الذي قرر فرضه على شعوب العالم. بعد العراق، كما لو ان شخص اصبح يصدر الأوامر التالية، من خلال حظر بعض المنشورات و الشعارات اي انها كانت تقوم على حظر اي بدائل اقتصادية و سياسية، لقد بدأت في تسمية الأشياء بأسمائها الخاصة. لذلك، دعونا نحاول، على أساس التحاليل التي أجريت من قبل مجموعة من العاملين في هيئة تحرير "العناصر" ، في الشروط الأكثر عمومية، وتحديد أساسيات فكر النظام العالمي الجديد.